يبدوا أن النظام الإيراني مُصر على أن لا يتخلى عن نهجه التقليدي المتمثل في استمرار تصدير الفوضى لمنطقة الشرق الأوسط. حيثُ تكشف عودة النظام الإيراني لمحاولات تسليح وكلائهُ، بالرغم من اهتزاز صورتهم في ساحات المواجهة وعدم قدرتهم على الدفاع عنه. وفي الوقت نفسه، فالنظام الإيراني وميليشياتهُ يحاولون الظهور بمظهر التعافي والقوة وعدم التأثر خاصة بعد الضربات المؤلمة التي تعرضوا لها. فهم انكسروا بالفعل، وجُرِحوا في كبريائهم، وهم الآن يريدون إعادة ترميم التصدعات التي لحقت بمحورهم وإعادته إلى الواجهة

إن النظام الإيراني ومليشياتهُ الآن في مفترق طرق، فقد كشفت الأحداث الأخيرة عن الخلل الهيكلي في العلاقة التي تربط بين إيران ووكلائها، ومن ذلك فإن ما يسمى بوحدة الساحات كان مجرد شعار بلا مضمون. فإيران تخلت عن وكلائها في لحظاتهم الحرجة والمصيرية. وللإشارة فإنهم أيضا تخلوا عنها في لحظة بدت مصيرية، بصرف النظر عن أي تفاهمات بينية تهدف لامتصاص الضربات وعدم التصعيد كي لا تندلع حرب إقليمية شاملة.
ما وراء النهج التقليدي الإيراني لتصدير الفوضى للشرق الأوسط
تشير تقارير بأن النظام الإيراني استأنف عمليات تهريب السلاح لوكلائهُ بسرعة رغم أنها لم تتعافَ بعد من الأضرار التي تكبدتها جراء الحرب الأخيرة، وهو ما يعكس إستراتيجيتها التقليدية المتمثلة في جعل دول منطقة الشرق الأوسط في حالة من الفوضى والإضطراب، لأنها بذلك تشكل بيئة خصبة للمليشيات المسلحة التابعة لها لتنمو وتزدهر ويقوى عودها، على العكس من الإستقرار الأمني الذي يُضعف تلك المليشيات، فالدولة التي تسود فيها الميليشيات والسلاح المنفلت، لا تستطيع أن تتنفس في بيئة مستقرة وغير مضطربة.وبالتالي فالفوضى المنظمة هي البيئة المثالية لنظام طهران، كونها تتيح لإيران التدخل دون أن تتحمل مسؤولية مباشرة، وتمنحها القدرة على إدارة الصراعات عبر التحكم في أذرعها المسلحة والمنتشرة في مناطق متعددة، ولذلك فكلما زادت الفوضى التي تحركها مليشيات إيران، يعتقد النظام الإيراني بأن ذلك سيزيد من فرصهُ للتفاوض على الطاولة الدولية، وارتفاع قيمة أوراق الضغط التي يملكها حتى ولو كانت على حساب أمن شعوب الدول العربية وسيادة بلدانهم.
إيران والمليشيات التابعة لها.. سياسة ضمان النفوذ
يَبدوا أن إيران ستعمل حاليا على ضمان أن تبقى ساحات نفوذها في الشرق الأوسط تحت التوتر المستمر، دون أن تنفجر بالكامل أو تنطفئ كليا وذلكَ من أجل ديمومة سيطرة ميليشياتها على مقدرات شعوب هذه الدول و الجدير بالذكر أن الحوثيين وحزب الله اللبناني والمليشيات العراقية، وكل من يندرج تحت ما يسمى “محور المقاومة” يخضعون ، لنفس الخطاب التعبوي المرتكز على شعارات دينية وطائفية هدفها الحقيقي هو خَلق عدو وهمي توجب على كل من يَتبع لهذا المحور من التصدي لهُ ، حيثُ يُستخدم هذا الشعار لتبرير كل عمليات العنف المسلح داخل دوائر الاشتباك في الجبهات الداخلية، ولا شك أن هذا التوظيف العقائدي يزيد من تعقيد المشهد، لأنه يُحول الصراع من صراع نفوذ دولي يقوده النظام الايراني إلى صراع عقائدي وجودي يستدعي كل ماهو مقدس وتاريخي وكذلك مزاعم المظلومية الموروثة.
كلُ ما تمَ ذكرهُ هو ما يجعل أي محاولة لاحتواء النظام الايراني أو أذرعهُ صعبة، لأنكَ لاتستطيع مواجهتها بعقل الدولة فهي تَمتلك عقيدة ميليشياوية لاتؤمن بمبدأ الدولة تمت صناعتها في أروقة مقار الحرس الثوري الايراني، ولذا يَبدو أن منطقة الشرق الأوسط مقبلة على دورات جديدة من التوتر طالما أستمرت ايران بتصدير أجندتها الخبيثة، فلا يزال النظام الايراني يرى في وكلائهِ ورقة رابحة يصعب التفريط بها، حتى وإن خذلوه في اللحظات المصيرية.
المصدر: وكالات
أقرأ أيضا:من يقف وراء الفوضى؟: التدهور الأمني في العراق ودور الميليشيات المدعومة إيرانيًا
دكزطزمجج
علي
علي رعد