زلزال سوريا يغير مفهوم العرض والطلب في سوق العقارات

شمال سوريا– فاقم الزلزال الذي ضرب شمال سوريا في فبراير/شباط الماضي الركود في سوق العقارات بمحافظتي إدلب وحلب، حيث تشهد المدن والبلدات المتأثرة بالزلزال والهزات الارتدادية جمودا كبيرا في عمليات بيع المنازل ذات الطوابق.

وأفقدت الكارثة التي أودت بحياة آلاف السوريين ثقة الأهالي بتلك المنازل، بعد انهيار وتصدع آلاف البنايات في الشمال السوري. وهو السبب الذي أدى الى انخفاض الطلب على الشراء. الى جانب ذلك، رافقه تصاعد وطلب واسع من السكان على شراء المنازل الأرضية والأراضي الصالحة للبناء.

ولعب العامل النفسي دورا كبيرا في المزاج العام للسكان بإدلب، حيث تغيرت رغبات الأسر من السكن في الأبنية المرتفعة التي تشرف على مساحات واسعة إلى البحث عن المنازل الأرضية أو الطوابق الأولى بشكل أساسي. السبب الرئيسي هو الخوف من الهزات الأرضية.

وبحسب الدفاع المدني السوري، فإن أكثر 550 مبنى انهارت في شمال غرب سوريا جراء الزلزال المدمر في فبراير/شباط الماضي. كما لحق الضرر الجزئي بنحو 1570 مبنى، وتصدعت آلاف المباني لتصبح غير صالحة للسكن.

وقبل الزلزال كان محمد الخضير من أهالي مدينة سلقين في ريف إدلب يتلقى العديد من الاتصالات لمعاينة منزله المعروض للبيع لدى مكتب معاملات عقارية. و بالتالي، يضطر في بعض الأحيان لأخذ إذن من العمل، لاستقبال أحد الزبائن الراغبين بشراء منزله الواقع في الطابق الرابع.

مخاوف سكان الشمال السوري من الأبنية ذات الطوابق عقب الزلزال أثرت في حركة بيع وشراء العقارات.

جمود سوق العقارات

وقال الخضير -في حديث للجزيرة نت- إن عروض الشراء والاتصالات توقفت بشكل كامل بعد كارثة الزلزال. و بنفس الوقت لم يعد أحد يرغب بمشاهدة المنزل أو شرائه، عازيا الأمر إلى مخاوف الناس من الهزات الارتدادية وانهيار الأبنية التي ترتفع لعدة طوابق.

وأكد الخضير أن مكاتب عقارية بدأت بعملية مساومة لشراء منزله بنصف سعره المعروض للبيع قبل كارثة الزلزال (سعر المنزل 15 ألف دولار). لافتا إلى أن أصحاب المكاتب حاولوا استغلال حاجته وركود أسواق العقارات في عموم المنطقة للبيع لكنه رفض ذلك.

ورغم تعرض بناء السوري الخضير لأضرار طفيفة لا تشكل خطرا على السكان. في حين ، أصحاب المكاتب أخبروه بأن المنازل المتضررة لم تعد مرغوبة من قبل المشترين وعليه البيع لأول شخص يطرق بابه.

الجمود الذي رافق حركة بيع المنازل الطابقية شهد خلاله ما يمكن تسميته بالمقامرة وضرب الحظ بحسب تاجر العقارات حسين رحال. في حين، يوضح رحال أن مجموعة من التجار المغامرين يقومون بشراء تلك العقارات على أمل تغير مستوى الأسعار في المرحلة المقبلة.

وقال رحال -في حديث للجزيرة نت- إن هؤلاء التجار يعتبرون المرحلة الراهنة فرصة ذهبية لشراء بعض العقارات من أصحاب الحاجة بسعر بخس. من بعدها يتم بيعها في المستقبل بسعر أفضل وتحقيق المكاسب على حساب مأساة الناس في الزلزال.

ويعتقد رحال أن يطرأ تحسن طفيف في عمليات البيع والشراء في العقارات. لكنه يرهن ذلك باستمرار حالة الاستقرار الأمني والعسكري في شمال غرب سوريا.

انتعاش سوق الأراضي

الخوف الذي رافق الكارثة جعل الأهالي تميل إلى الاقتراب من الأرض أكثر، حيث باتت رغبات السكان تميل للسكن في الأبنية الأرضية ومنها المنازل العربية التي لم تكن محط أنظار أحد من سكان المنطقة، إلا أنها أصبحت تلقى رواجا كبيرا أخيرا لعنصر الأمان التي تمتلكه.

ويشير سعيد الحسن إلى أنه باع منزله العربي بريف إدلب في أعقاب الزلزال بعد أن تهافت عليه المشترون بكثرة. كما وحصل على زيادة في السعر أعلى من الذي عرضه قبل الكارثة بنحو 3 آلاف دولار.

وأكد الحسن أنه عرض منزله العربي للبيع منذ أكثر من 6 أشهر دون حضور أي زبائن حتى للمشاهدة فقط، قبل أن يصبح منزله مرغوبا من السكان الخائفين من السكن في المباني الطابقية المرتفعة.

وكما المنازل العربية، فإن سوق الأراضي شهد انتعاشا ملحوظا بعد كارثة الزلزال. بنفس الوقت تزايدت أسعار متر الأرض إلى ما يقارب الضعف، وفق تاجر العقارات رحال. في حين، يشير إلى أن العديد من المنظمات الإنسانية قامت بشراء الأراضي لإنشاء مراكز إيواء للمتضررين من الزلزال.

ولفت رحال إلى أن متر الأرض في ريف إدلب تجاوز سعره 10 دولارات. ولا سيما في المناطق القريبة من مخيمات النازحين السوريين.

المصدر : وكالات

لمشاركة المحتوى، اضغط على احدى وسائل التواصل الإجتماعي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *