شاعر العرب الأكبر.. محمد مهدي الجواهري

يعود أصل الجواهري إلى أسرة سكنت مدينة النجف، إحدى أهم مدن العراق الدينية والثقافية، وولد في 26 يوليو/تموز 1899، وكان والده عالم دين أراد لابنه أن يكون مثله، فجعله يرتدي عباءة وعمامة منذ سن العاشرة. نظم الشعر في سن مبكرة،‏ وأظهر ميلاً منذ الطفولة إلى الأدب، فأخذ يقرأ في كتاب البيان والتبيين ومقدمة ابن خلدون ودواوين الشعر.

محمد مهدي الجواهري
الجواهري عاش حياته التي قاربت 100 عام بين النجف وبغداد ودمشق مرورا بلبنان والمغرب العربي إلى براغ التي عاش بها 3 عقود (الجزيرة)

حييت سفحك عن بعد فحييني … يا دجلة الخير يا أم البساتين
حييت سفحك ظمآنا ألوذ به … لوذ الحمائم بين الماء والطين

وانطلاقا من النجف إلى دمشق مرورا بلبنان والمغرب العربي إلى براغ، التي أقام فيها الجواهري نحو 30 عاما، كانت له محطات عديدة في الشعر والسياسة والصحافة، إذ أصدر عدة صحف، الفرات والانقلاب والرأي العام. ونشر أول دواوينه “حلبة الأدب” عام 1923، وهو مجموعة شعرية معارضة لمشاهير شعراء عصره، كأحمد شوقي وإيليا أبو ماضي. ولا يبدو أي تأثر للجواهري بالتيارات الأدبية الأوروبية، في حين تتقاسم موضوعاته المناسبات السياسية والتجارب الشخصية، وتبدو في كثير منها الثورة على التقاليد والأوضاع السياسية والاجتماعية الفاسدة.

حول هذه القصة :

ما لا تعرفه عن عمر أبو ريشة

افتتاح معرض الرياض الدولي للكتاب بمشاركة أكثر من 1800 دار نشر

في مئويّته الأولى… أعمال فنية احتفت بـ«نبيّ» جبران

تحولات شخصية

وفي محاولة للوقوف على تحولات الجواهري تميزت قصائد الجواهري بالتزام عمود الشعر التقليدي، وبجزالة في النسيج، كما تميّزت بالثورة على بعض الأوضاع الاجتماعية، وكان مقربا من رئيس الوزراء العراقي عبد الكريم قاسم خلال السنين الأولى من قيام النظام الجمهوري في العراق، لكنه افترق عنه بعد ذلك، فتعرض للمضايقات مما دفعه إلى مغادرة العراق عام 1961، ولم يعد إلا بعد عام 1968 بدعوة من الحكومة العراقية

محطات حياته

ومن أبرز المحطات في حياة الجواهري مقتل شقيقه جعفر خلال انتفاضة الوثبة عام 1948، التي اندلعت ضد معاهدة بورتسموث مع بريطانيا واستطاعت إسقاطها، والتي ألهمته أحد أشهر قصائده في الرثاء، بعنوان “أخي جعفر”، حيث يقول فيها:

أتعلم أم أنت لا تعلمُ .. بأن جراح الضحايا فمُ
فمٌ ليس كالمدعي قولةً .. وليس كآخر يسترحم
أتعلم أن جراح الشهيدِ .. تظلّ عن الثأر تستفهم
أتعلم أن جراح الشهيدِ .. من الجوع تهضم ما تلهم
تمص دمًا ثم تبغي دمًا .. وتبقى تلحّ وتستطعم

كانت علاقاته وطيدة مع الملوك والرؤساء العرب، ومع كبار الأدباء والفنانين والمفكرين وأهل السياسة، وحظي بعلاقات اتسمت بالحميمية والجفاء مع مختلف قادة العراق، وعام 1983.

وفي مستهل التسعينيات، وأثناء عودة الشاعر الجواهري من القاهرة إلى دمشق مر بعمان، فاستقبل بترحاب منقطع النظير، حيث قرأ يوم 2 ديسمبر/كانون الأول 1992 في حضرة الملك الراحل الحسين بن طلال قصيدته:


يا سيدي أسعف فمي ليقولا .. في عيد مولدك الجميل جميلا.

الجواهري شاعر العرب الأكبر )
الجواهري شاعر العرب الأكبر ومتنبي العصر (الجزيرة)

الأعمال الكاملة للجواهري

وكان محمد مهدي الجواهري -الذي لقّب أيضا بالنهر (العراقي) الثالث بعد نهري دجلة والفرات- يعرف بارتجاله للشعر العمودي ارتجالا في لحظة إلقاء، وأنه كان يحفظ شعره عن ظهر قلب كما يقال.

وصدر حديثا عن دار الشؤون الثقافية العامة ببغداد طبعة شاملة من الديوان الكبير لشاعر العراق محمد مهدي الجواهري، احتوت أجزاؤها الستة على كل شعر الشاعر الراحل خلال ما يربو على قرن من الزمان، وبينها قصائد جديدة لم تنشر من قبل.

وكان آخر إصدار لديوان الجواهري في العراق منتصف عام 1973 حين أصدرت وزارة الإعلام العراقية السابقة ديوان الشاعر الذي غادر بلاده معارضا ليجول في بقاع الأرض ويكتب الشعر.

الجواهري
ديوان الشاعر الجواهري صدر حديثا عن دار الشؤون الثقافية العامة ببغداد ليضمّ كل قصائده في طبعة شاملة (الجزيرة)

وهذا الإصدار جاء بعد أن شكّل وزير الثقافة العراقي الحالي الدكتور حسن ناظم لجنة في دار الشؤون الثقافية طالبها بأن تتقصّى كل ما له علاقة بالجواهري من قصائد شعرية، وهو ما حدا باللجنة أن تعمل طوال أشهر، وتمكنت من جمع ما يمكن أن يوصف بأنه “كل شعر الجواهري” بما في ذلك تلك القصائد التي كان لا يفضّل نشرها في أي ديوان لأسباب عدة.

الدواوين والكتب للجواهري

وأصدر الجواهري العديد من الدواوين والكتب خلال مسيرته التي امتدّت إلى ما يربو على 70 عاما؛ منها (حلبة الأدب)، و(جناية الروس والإنجليز في إيران)، و(بين العاطفة والشعور)، و(ديوان الجواهري) في مجلدين، وأيضا (بريد الغربة)، و(بريد العودة) و(أيها الأرق)، و(خلجات)، وكذلك (ذكرياتي) في 3 أجزاء، و(الجمهرة)، و(مختارات من الشعر العربي)، وغيرها، وهذا الإرث لم يكن كافيا للجنة لأنها ظلت تبحث عما هو غير منشور ليضاف إلى الطبعة الجديدة.

ويقول الدكتور سعيد عدنان -أحد أعضاء لجنة إصدار الطبعة الجديدة- في تقرير سابق للجزيرة نت إن “اللجنة المشرفة حرصت أن تستوعب كل شعره، وأن تضم تلك القصائد التي لم تنشر في ديوان من قبل”، ويوضح أنه “تم الاتصال بأسرة الشاعر، بولده الدكتور كفاح الجواهري وابن أخته رواء الجصاني وكانت استجابتهما كريمة يشكران عليها”.

المصدر : وكالات

اقرأ أيضا :

ارتفاع أسعار العقارات في السعودية 7% بالربع الثالث

لمشاركة المحتوى، اضغط على احدى وسائل التواصل الإجتماعي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *